ولا يجوز كشف شيء منها.
وفيما ذكرته من الأدلة على وجوب الحجاب، وتصحيح مفهومه لدى كثير من النساء فيه كفاية لمن أراد معرفة الحق والعمل به، وهذا هو المتعين على كل مسلم ومسلمة ليفوز بخيري الدنيا والآخرة، وإن عدم الاتعاظ ومعاندة الحق بعد معرفته علامة على قسوة القلب، واتباع الهوى.
شروط ومواصفات حجاب المرأة المسلمة
لقد حدد الإسلام شروط ومواصفات حجاب المرأة المسلمة الذي بغي أن تخرج به من بيتها.
(1) يجب أن يكون ساترًا لجميع البدن:
لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59].
والجلباب هو ثوب واسع تستر به المرأة بدنها كله، وذلك ليكون ساترًا للعورة والزينة التي نُهِيَتْ عن إبدائها، فإن الإسلام أكثر ما يهمه من الحجاب هو الستر لا الزينة، وحجاب المرأة المسلمة لابد أن يكون ساترًا لوجهها وكفيها وقدميها وسائر جسمها قال تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} والنهي عن إبداء الزينة نهي عن إبداء مواضعها من باب أولى، ولولا الحجاب لظهرت مواضع الزينة من الصدر والذراع والقدم ونحوها.
(2) ألا يكون الحجاب في نفسه زينة:
لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وقد شرع الله الحجاب ليستر زينة المرأة، فلا يعقل أن يكون هو نفسه زينة تخرج به المرأة تحرك الشهوة وتثير الرجال.
(3) أن يكون واسعًا غير ضيق:
لأن الغرض من الحجاب ستر العورة ومواضع الزينة، والضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف جسم المرأة أو بعضه ويصوره في أعين الرجال، ومن الواجب على المرأة أن تهتم بستر حجم عظامها، والتساهل في ذلك من أعظم أسباب الفساد ودواعي الفتنة.
يقول أسامة بن زيد رضي الله عنه: كساني رسول الله قبطية كثيفة مما أهدى له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: ((مالك لم تلبس القبطية؟)) قلت: كسوتها امرأتي، فقال: ((مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها))( ). فالرسول يأمر أسامة أن يطلب من امرأته أن تضع تحت هذا الثوب الثخين غلالة( ) ليمنع وصف بدنها وحجم عظامها، فهذه القبطية( ) ثخينة ومع ذلك خاف رسول الله من أن تصف حجم عظامها.
(4) أن يكون صفيقًا ثخينًا لا يشف:
لأن القصد من الحجاب الستر، وذلك لا يحصل إلا بالصفيق؛ لأن الخفيف يزيد المرأة زينة وجمالاً، وليس الحجاب الذي يشف عن الجسم ويفضح العورات بحجاب في نظر الإسلام، فحجاب المرأة لابد أن يكون صفيقًا لئلا تفتن غيرها بمحاسن جسمه،ا وقد ورد الوعيد الشديد فيمن تلبس لباسًا خفيفًا لا يستر ما أمر الله بستره.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))( ).
(5) أن لا يكون مبخرًا مطيبًا:
لحديث رسول الله : ((أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية))( ).
(6) أن لا يشبه لباس الرجال:
لقوله : ((ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال))( )، فإن لثوب الرجال صفات أهمها أن يكون فوق الكعبين أو إلى أنصاف الساقين، ولكن الأمر انعكس في هذا العصر، فصار ثوب كثير من النساء فوق الكعبين وبعضهن إلى أنصاف الساقين، ولربما فوق ذلك مثل الميني جيب والميكروجيب، وصار ثوب الرجال أسفل من الكعبين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"( ).
(7) أن لا يشبه لباس الكافرات:
وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسًا تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس، ويدل على تفاهة في العقل وفقدان للحياء مما ظهر في هذا العصر وانتشر باسم "الموديلات" التي تتغير من سيئ إلى أسوأ، وكيف ترضى امرأة شرفها الله بالإسلام ورفع قدرها، أن تكون تابعة لمن يملي عليها صفة لباسها، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر!!
فاحذري أيتها الأخت المسلمة أن تتشبهي باليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين في ملابسهم؛ لأن النبي قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) ( ).
(
أن لا يكون لباس شهرة:
فلا يجوز لامرأة مسلمة أن تختار من ألوان الثياب ما ترضى به رغبة الدعاية ولا يتعلق بضرورة اللباس، وإنما لأجل أن يرفع الرجال إليها أبصارهم، وتفتن تلك النظرات الجائعة، وقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ولباس الشهرة هو كل ثوب يقصد به صاحبه الاشتهار بين الناس سواء كان الثوب نفيسًا يلبسه تفاخرًا بالدنيا وزينتها، أو خسيسًا يلبس إظهارًا للزهد والرياء، فهو يرتدي ثوبًا مخالفًا لألوان ثيابهم ليلفت الناس إليه، وليختال عليهم بالكبر والعجب.